[rtl] [/rtl]
[rtl]الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات[/rtl]
[rtl]أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده كماله[/rtl]
[rtl]واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات[/rtl]
[rtl]وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا[/rtl]
[rtl]أما بعد :[/rtl]
[rtl]فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،[/rtl]
[rtl]وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار[/rtl]
[rtl]أعاذنا الله وإياكم من النار[/rtl]
[b]
سلسلة الأمثال في القرآن الكريم
[/b]
- مثل الظن ، التجسس و الإغتياب -
فصل ومنها قوله تعالى :
[rtl]( يآ أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب[/rtl]
[rtl] بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) الحجرات12[/rtl]
[rtl]وهذا من أحسن القياس التمثيلي فانه شبه تمزيق عرض الأخ بتمزيق لحمه ولما كان المغتاب يمزق عرض[/rtl]
[rtl]أخيه في غيبته كان بمنزلة من يقطع لحمه في حال غيبة روحه عنه بالموت لما كان المغتاب عاجزا عن دفعه[/rtl]
[rtl]بنفسه بكونه غائبا عن ذمه كان بمنزلة الميت الذي يقطع لحمه ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه ولما كان[/rtl]
[rtl]مقتضى الأخوة التراحم والتواصل والتناصر فعلق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذم والعيب والطعن كان[/rtl]
[rtl]ذلك نظير تقطيعه لحم أخيه والأخوة تقتضي حفظه وصيانته والذب عنه ولما كان المغتاب متفكها بغيبته[/rtl]
[rtl]وذمه متحليا بذلك شبه بأكل لحم أخيه بعد تقطيعه ولما كان المغتاب محبا لذلك معجبا به شبه بمن يحب أكل[/rtl]
[rtl]لحم أخيه ميتا ومحبته لذلك قدر زائد على مجرد أكله كما أن أكله قدر زائد على تمزيقه فتأمل هذا التشبيه[/rtl]
[rtl]والتمثيل وحسن موقعه ومطابقة المعقول فيه للمحسوس وتأمل أخباره عنهم بكراهة أكل لحم الأخ ميتا[/rtl]
[rtl]ووصفهم بذلك في آخر الآية والإنكار عليهم في أولها أن يجب أحدهم ذلك فكما أن هذا مكروه في طباعهم[/rtl]
[rtl]فكيف يحبون ما هو مثله ونظيره فاحتج عليهم بما كرهوه على ما أحبوه وشبه لهم ما يحبونه بما هو أكره[/rtl]
[rtl]شيء إليهم وهم أشد شيء نفرة عنه فلهذا يوجب العقل والفطرة والحكمة أن يكونوا اشد شيء نفرة عما هو[/rtl]
[rtl]نظيره ومشبهه وبالله التوفيق[/rtl]
مثل أعمال الكفار[rtl] فصل ومنها قوله تعالى :
[/rtl]
[rtl](مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون[/rtl]
مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد) إبراهيم 18 [rtl]فشبه تعالى أعمال الكفار في بطلانها وعدم[/rtl]
[rtl]الانتفاع بها برماد مرت عليه ريح شديدة في يوم عاصف فشبه سبحانه أعمالهم في حبوطها وذهابها باطلا[/rtl]
[rtl]كالهباء المنثور لكونها على غير أساس من الإيمان والإحسان وكونها لغير الله تعالى على غير أمره برماد[/rtl]
[rtl]طيرته الريح العاصف فلا يقدر صاحبه على شيء منه وقت شدة حاجته إليه فلذلك لا يقدرون مما كسبوا على[/rtl]
[rtl]شيء لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء فلا يرون لها أثرا من ثواب ولا فائدة نافعة[/rtl]
[rtl] فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه موافقا لشرعه والأعمال أربعة فواحد مقبول وثلاثة[/rtl]
[rtl] مردودة فالمقبول الخالص الصواب فالخالص أن يكون لله لا لغير والصواب أن يكون مما شرعه على لسان[/rtl]
[rtl]رسوله والثلاثة المردودة ما خالف ذلك وفي تشبيهها بالرماد سر بديع وذلك للتشابه الذي بين أعمالهم[/rtl]
[rtl]وبين الرماد في إحراق النار وإذهابها لأصل هذا وهذا فكانت الأعمال التي لغير الله تعالى وعلى غير مراده[/rtl]
[rtl] طعمة للنار وبها تسعر النار على أصحابها وينشئ الله لهم من أعمالهم الباطلة نارا وعذابا كما ينشئ لأهل[/rtl]
[rtl] الأعمال الموافقة لأمره التي هي خالصة لوجهه من أعمالهم نعيما وروحا فأثرت النار في أعمال أولئك حتى[/rtl]
[rtl]جعلتها رمادا فهم وما يعبدون من دون الله وقود النار[/rtl]
[rtl]كتاب :الأمثال في القرآن[/rtl]
[b][b]لإبن قيم الجوزية
[b][/b][/b][/b]