العودة إلى المدارس أحرقت جيوب الجزائريين
"الكريدي" والرهن لضمان مصاريف الدخول المدرسي
مثلما يجري عليه الحال قبيل كل دخول مدرسي، تشهد أسعار المستلزمات المدرسية ارتفاعا رهيبا، أضحت تلهب جيوب الأولياء الذين عجز الكثير منهم عن توفيرها لأبنائه، خاصة من له أكثر من متمدرس واحد، في حين أن ميزانية توفيرها لا تقل عن 5 آلاف دينار بالنسبة إلى الطفل الواحد.
وقد توجهت "الشروق" إلى عدد من الأسواق والمحلات المختصة في بيع الأدوات المدرسية، وشملت محلات بسيدي امحمد وساحة الشهداء، أين وقفت على حجم تهافت أولياء عليها للتحضير للدخول المدرسي واقتناء المستلزمات تحضيرا للدخول المدرسي الذي لم يتبق عنه سوى يومين، حيث تراوح سعر المئزر المدرسي ما بين 800 دينار و1400 دينار بالنسبة إلى الجنسين، ولكل الأطوار التعليمية.
نساء يلجأن إلى بيع مجوهراتهن وأولياء يقترضون لتغطية المصاريف
الارتفاع الصاروخي للأسعار جعل الكثير من العائلات تتجه إلى مراجعة حساباتها قبل اقتنائها، خاصة التي تضم أكثر من تلميذ متمدرس. وفي هذا الصدد قالت سيدة وجدناها بأحد المحلات المتواجدة بشارع العربي بن مهيدي بالعاصمة إن الأسعار وصلت إلى أقصى مستوياتها". وأردفت أنها خصصت ميزانية معتبرة لا تقل عن 20 ألف دينار بغرض توفير كل المستلزمات لتأدية لوازم أبنائها، في وقت تراوح سعر المحافظ بين ألف إلى ألفي دينار. وذكرت أن الكثير من السيدات لجأن إلى رهن مجوهراتهن في سبيل توفير الأدوات لأبنائهن، وعائلات أخرى اقترضت مبالغ مالية لتغطية حجم المصاريف المترتبة على الدخول المدرسي.
كما اعترف ولي تلميذ صادفناه وهو يستفسر عن سعر المحافظ، حيث قال إن أسعار الأدوات المدرسية والمآزر لهذا الموسم عرفت ارتفاعا غير مسبوق، خصوصا أنه تزامن مع العطلة السنوية وشهر رمضان، ما أدى بالكثير من العائلات إلى صرف ميزانيتها في فترة وجيزة، وتساءل في ذات الوقت أنه في الوقت الذي تتمكن العائلات الميسورة من تغطية احتياجاتها فكيف بالعائلات الفقيرة التي تتكفل بثلاثة إلى أربعة أبناء متمدرسين. وذهب أخر إلى التأكيد على ضرورة إقرار الحكومة لإعانة بغرض تغطية تكلفة اقتناء الأدوات المدرسية وتعميمها على كل التلاميذ، لا سيما- حسب قول المتحدث- وأن أغلب العائلات الجزائرية تملك في أسرها ما يتراوح ما بين ثلاثة وخمسة أطفال متمدرسين، فكم تقدر تكاليف المحفظة لكل واحد، ناهيك عن تكاليف الكتاب المدرسي، والمئزر الذي قارب 1400 دينار .
الأسعار تقفز إلى أعلى مستوياتها
وقد ارتفع سعر كراس من حجم 96 صفحة في أسواق الجملة ليفوق 35 دينارا، أما كراس من حجم 288 صفحة فارتفع سعره إلى أكثر من 150 دينار، وأدى ارتفاع سعر الأدوات المدرسية بأسواق الجملة إلى ارتفاع السعر لدى تجار التجزئة. كما ارتفع سعر حقيبة الأدوات المدرسية من 300 دينار، وتراوح سعر الحقيبة الجيدة حوالي 2000 دينار في أسواق الجملة بعدما كان لا يتجاوز في السابق 800 دينار، وعلبة الألوان بــ 150 دينار.
من جهته، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك لولاية الجزائر، مصطفى زبدي، في اتصال بـ "الشروق" أن أسعار الأدوات المدرسية شهدت ارتفاعا محسوسا هذه السنة، خاصة ذات النوعية الجيدة، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه يتم الترويج لسلع جد رديئة من قبل كثير من التجار، خصوصا وأن الكثير من المستوردين أغرقوا السوق الجزائرية بمستلزمات غير آمنة، كونها ذات أشكال غريبة قد تؤثر- حسبه- في التحصيل العلمي للتلميذ. وقال زبدي إنه لتوفير كل المستلزمات فلا بد من تخصيص ميزانية لا تقل عن 5 آلاف دينار لكل تلميذ لشراء المحفظة والمئزر والكراريس وبقية المستلزمات دون احتساب الكتب.
لكي يصبحوا أكثر ذكاءً واستيعابا للدروس
عائلات تُطعم أطفالها "الزرير" و"البغرير" في أول يوم دراسي
مع بداية كل موسم دراسي جديد تستقبل المدارس أفواجا جديدة من التلاميذ والتلميذات خاصة في الطور الابتدائي، من بينهم تلاميذ لم يسبق لهم وأن التحقوا بمقاعد الدراسة إطلاقا، وهو ما يجعل العائلة تعتبر هذا اليوم حدثا استثنائيا ومميزا تستعد له طوال العطلة الصيفية، فيُعامل فيه الطفل معاملة خاصة كما تحرص الأمهات والجدات على تحضير بعض الأكلات التقليدية والحلويات صبيحة الدخول المدرسي كفأل خير، لجلب الحظ للتلميذ المتمدرس لأول مرة كي تكون سنته الدراسية حلوة يجتازها بسهولة ولا يكدر صفوها أي مشاكل أو صعوبات.
تعدّ تجربة الالتحاق لأول مرة بمقاعد الدراسة من التجارب المميزة والخاصة التي تظل عالقة في ذهن كل شخص مهما تقدم في السن وارتفعت مكانته العلمية والاجتماعية، وما يميز اليوم الأول عند العائلات الجزائرية هو انتشار عادات وطقوس مختلفة تزيد اليوم تميزا وبهجة.
وفي هذا الصدد تذكر الحاجة "م. صافية"، 82 سنة: أن العائلات الجزائرية كانت تصرّ على تسجيل أبنائها في المدارس رغم الفقر والاستعمار، في تلك الفترة لم يكن يتوفر كتب مدرسية أو أدوات لكن أبناءنا استطاعوا أن يتفوقوا، ولما كان التعليم أمرا عظيما والدخول للمدرسة حدثا هاما، كان من المستحيل أن تمرّ المناسبة دون أدنى ملامح احتفالية، فقد كنا نستيقظ في اليوم الأول من المدرسة في الصباح الباكر، فنحضر "الخفاف" أو "البغرير" ونضاعف كمية العسل فيهما، فهما يمنحان التلميذ المتمدرس للمرة الأولى القوة ويساعدانه على التركيز فيكون سريع البديهة أو كما نقول بالعامية "رأسه خفيف"، ويستوعب الدراسة بسرعة كبيرة جدا.
أما بعض العائلات العاصمية فتفضل تحضير "الطمينة" بالزبدة والعسل، وكمية من الدقيق المحمّص لتزينها بالحلوى التركية أو اللوز المنسل والقرفة لتقدم للتلميذ. في حين تقول الحاجة "حورية": "حرصت في كل دخول مدرسي على منح أبنائي ملعقة من العسل الحر ممزوجة بالقليل من ماء الزهر والمذابة في كوب من الحليب الأبيض لتكون سنتهم بيضاء بدون مشاكل، حلوة كالعسل ويساعدهم ماء الزهر في جلب الحظ، مضيفة أن كناتها أيضا يطلبن منها في كل سنة دراسية تحضير هذا الخليط المبارك لأبنائها، وعند عتبة المنزل أمنح الطفل الذي يقصد المدرسة لأول مرة حبّة من السكر بعد أقرأ عليها المعوذتين وسورة الانشراح فيتناولها لكي تحلو أيامه، مستطردة أن هناك عادات مختلفة باختلاف المناطق فإحدى كناتها وهي من ولاية قسنطينة تطعم أبناءها في أول يوم مدرسي "الزرير"، وهو دقيق خاص يمزج مع الزبدة والعسل، وهو غذاء مغذي ومقوّ، في حين هناك من يرش ثياب الطفل الجديدة والتي تشترى خصيصا لهذه المناسبة بماء الزهر، ويطعمه الحلوى و"الدراجي" وتملأ جيوبه بها وكل هذه العادات تجعل التلاميذ والعائلات أكثر تفاؤلا بدخول مدرسي سعيد .
مطالبون بأن يُحسنوا تحضيرهم نفسياً
ظاهرة هروب الأطفال من المدرسة تؤرق الأولياء
لم تعد تفصلنا على الدخول الاجتماعي إلا ساعاتٌ معدودات وسيلتحق التلاميذ الجدد بمقاعدهم الدراسية في القسم التحضيري، والذين يبلغون من العمر ست سنوات بأقسام السنة الأولى بدءا من غد الأحد 8 سبتمبر. ولأن المدرسة هي اللبنة الأولى وحجر الأساس في تحديد المسار الدراسي والمستقبلي للطفل وتوجيه اهتماماته وسلوكياته، يتوجب على الأولياء أن يتجهَّزوا جيدا لهذه المناسبة ويخصُّوا الأطفال بمعلومات وجلسات ليحضِّروهم نفسياً للدخول المدرسي حتى يتفادوا الصدمة ويغرقوا في بحر من الدموع يومها.
يعلِّق الأولياء آمالا كبيرة على أبنائهم؛ فمنذ اليوم الأول الذي يصطحبونهم فيه إلى المدرسة وهم يحلمون بساعة تخرُّجهم ونجاحاتهم وتألقهم في المستقبل. ولأن الدخول المدرسي هو أصعب يوم في حياة الطفل وعائلته التي تطلق عليه في أغلب الأحيان عبارة الولادة الثانية، حيث يغادر فيه المنزل وعائلته ليلتحق بجو جديد وعالم يكتشف معالمه لأول مرة، فهو يوم هام جدا وتفاصيله تبقى محفورة في ذاكرة الطفل وعائلته، فضلنا أن نعود إلى تفاصيله التي لا تزال راسخة في فكر كل فرد منا مهما علت مكانته العلمية ومنزلته الدراسية .
تقول "هاجر" 18 سنة، طالبة جامعية: بأن اليوم الأول في المدرسة لن تنساه أبدا فقد تزامن ذلك مع وفاة والدها قبل حوالي شهرين من ذلك، وعندما اصطحبتها أمها للمدرسة اعتقدت أنها تركتها هناك ولن تعود إليها مرة ثانية، فأمضت الصبيحة بأكملها في البكاء وكانت تريد الهروب ولم ترتح إلا بعد أن جاءت والدتُها على الحادية عشرة لتصطحبها إلى البيت. في حين تصرح السيدة "فريدة"، أنها تكابد الويلات في مطلع كل موسم دراسي، فهي أم لأربعة أطفال، ولأن أقسام التعليم التحضيري حكرٌ على أصدقاء المدير وأبناء المعلِّمات لم تتمكن من إدراج أي واحد من أبنائها فيها، فيدخلون مباشرة للسنة الأولى وهناك تبدأ معاناتها، فيرفضون الالتحاق بالقسم ويبكون باستمرار حتى أن أحد أبنائها كلما وضعته أمام المدرسة وتغادر، إلا وتجده يتبع خطاها، وبعد دخولها البيت يدق عليها الباب .
وقد أوضح "أحمد أمين" 28 سنة، مهندس في الإعلام الآلي: أن اليوم الأول من الدراسة منقوش في ذاكرته ولن ينساه أبدا، فكان يبكي مثل بقية زملائه يريد العودة للبيت، وهو ما أثار نرفزة المعلمة التي طلبت منه الهدوء، ولما رفض الامتثال لطلبها تناولت عصا وضربته بها، وهنا ازداد بكاؤُه وأصبح يرفض الذهاب للمدرسة إلى أن تدخّل والده وغيّر له القسم.
ولأن اليوم الأول في المشوار الدراسي هام جدا وحساس يحرص المختصون على توجيه جملة من النصائح للأولياء لتفادي هروب الطفل ودخوله في نوبات من البكاء أهمها: اصطحاب الطفل الذي سيدخل المدرسة للمرة الأولى خلال العطلة الصيفية إلى المدرسة، وعلى الوالدين أن يشرحا له بأسلوب بسيط يتناسب مع سنه وعمره أهميتها وذلك لتخليصه من الخوف ورهبة المكان الذي سيبدو له مألوفا فيما بعد، تعويد الطفل على النوم مبكرا قبل بدء الدراسة بأسبوع أو أسبوعين وإيقاظه 15 دقيقة قبل موعد الاستيقاظ المعتاد، يجب أن يرافق الطفل للمدرسة في اليوم الأول أحد الوالدين لبث الثقة والحماسة في داخله وتحفيزه بالسماح له باختيار أدواته وكتبه المدرسية بمفرده، تفادي تخويف الطفل بالمعلم لأن تلك الصورة ستبقى مرافقة له مع دعوته لمشاركة أصدقائه اللعب في أوقات الراحة وممارسة نشاطات جماعية.
تحتوي على الرصاص ومواد مجهولة المصدر
الأسواق تُغرق بأدوات مدرسية صينية تسبِّب الحساسية الجلدية والتسمم
تشهد الأسواق الشعبية والمحلات التجارية اجتياحا كبيرا للأدوات المدرسية، حقائب ومآزر بمختلف أنواعها وأشكالها يتم استيرادها من الدول الآسيوية والصين على وجه التحديد، حيث يعمد المستوردون إلى إغراق السوق بكميات كبيرة من هذه السلع والبضائع المجهولة التركيبة، لتُعرض بأسعار مرتفعة وفي شكل جذاب وتكون قبلة للأطفال وأوليائهم، ولأن الجودة منعدمة والخيارات غير متوفرة يجدون أنفسهم مضطرين لتلبية رغبات أبنائهم، متجاهلين المضاعفات الصحية التي قد تسببها لهم. "الشروق" تجوّلت في الأسواق والمحلات المختصة ببيع الأدوات المدرسية وعادت لكم بهذه الانطباعات.
يُعدّ الدخول المدرسي حدثا استثنائيا يرفع حالة التأهب إلى أقصاها داخل المحلات التجارية والعائلات الجزائرية أيضا، فتخصص هذه الأخيرة ميزانيات ضخمة لاقتناء الكتب، الأدوات المدرسية وحتى الثياب الخاصة بالمناسبة لأبنائها، ورغم تعالي الأصوات والتحذيرات من المختصين والمنظمات الصحية والتي تدعو إلى أخذ كافة الاحتياطات الطبية وإبعاد هذه المواد الخطيرة المهدِّدة للمستقبل والسلامة الصحية والجسدية للأطفال، إلا أنها تحظى بإقبال كبير من قبلهم.
تقول السيدة "كريمة"، أم لأربعة أطفال، 3 منهم يدرسون في الطور الابتدائي، أنها في مطلع كل موسم دراسي تواجه صعوبات ومشاكلَ عديدة مع أبنائها الصغار، فهم يرغبون في اختيار أدواتهم المدرسية بأنفسهم ومنها المسطرة التي تلمع، المبراة المضيئة والكثير من الأدوات المُدهشة والمبهرة أيضا، إلا أنها ترفض ذلك رغم صراخهم وبكائهم، مصرحة: أنا أتمسك برأيي ولا أتعاطف معهم، فالمشكل ليس في سعر هذه الأدوات ولكن في المخاطر الصحية الناجمة عنها، فتصوري لو وضعت ابنتي الصغيرة المسطرة في فمها وشربت المياه الموجودة فيها، فمالعمل؟ لذا أفضل شراء أدوات من صناعة محلية لكي أظل مرتاحة البال ".
أما السيد "خالد"، أب لطفلتين إحداهما في السنة الثالثة والأخرى في الأولى، فيؤكد على أن هذه الأدوات طالما شكلت أزمة كبيرة داخل بيته، فهو يرفض شراءها لبناته لخوفه الشديد من المواد التي تحتويها، إلا أن أعمامهما وأخوالهما يجلبونها لهما باستمرار وإن حدث وصادرها فستجدان غيرها في القسم، ليضيف يجب على المنتجين المحليين أن يضاعفوا منتوجهم ويحسِّنوه لكي لا نضطر لشراء منتجات أخرى. في حين أوضح "ناصر"، تاجر بحسين داي، أن البائع غير مسؤول عن نوعية وجودة الأدوات المدرسية، فهو يجلب بضائع مختلفة وعلى الزبائن اختيار ما يلائم احتياجاتهم ويتوافق مع اهتمامات وسنّ أبنائهم، مستطردا أنه لا توجد سلعة محلية وإن وجدت رغم قلتها فهي ليست محبَّبة لدى الأطفال وبخاصة في المرحلة الابتدائية، فشكلها غير جذاب ولا يتوافق مع ما يُعرض في التليفزيونات ووسائل الإعلام .
إلى ذلك، أكد البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، في اتصال لـ"الشروق" أن الإنتاج المكثف للصين والدول الآسيوية يغزو كل دول العالم الثالث، وقد أصبحت أسواقهم هي المفضلة فيصدّرون إليها البضاعة الرخيصة والأقل جودة، ويعتمدون في صناعتها على مواد كيميائية غير معروفة التركيبة، مستطردا أن غياب الرقابة في الموانئ وعلى المطارات سمح بتسويق الملايين من البضائع المشابهة والمشكِّلة لخطر صحي يكون ضحيته الأولى الأطفال الأبرياء، فالتركيبة المجهولة للأدوات المدرسية وغياب بيانات أو تفسيرات حول المنتَج في العلبة أو الأكياس يسبِّب في الغالب حساسية جلدية لدى مستعمليها من الأطفال، وقد تزداد مخاطرُها في حال احتوائها على مواد كيميائية مثل "الرصاص" فتزداد خطورتُها وقد تتفاقم المشاكل الصحية الناجمة عنها. ودعا خياطي الجهاتِ المعنية إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة ومراقبة المواد الموجودة في السوق، برفع عدد المخابر المختصة في مراقبة البضائع المستورَدة حتى يكون الطفل محمياً داخل مدرسته.
من جهته، أوضح "صالح صويلح"، الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، في اتصال لـ"الشروق" أن هناك "لوبياً" مختصا على مستوى الموانئ والمطارات يعمل على تسويق الأدوات المدرسية الصينية في الجزائر رغم المخاطر والمشاكل الصحية الكبرى التي تحملها، محملا غياب الرقابة في هذه النقاط الحساسة مسؤولية وصولها لأيدي الأطفال، مشيرا إلى أن التجار النظاميين والفوضويين على حد سواء لا يتحملون مسئولية ذلك، فالسلعة تدخل إلى السوق بشكل قانوني وتصل بكل سهولة إلى التاجر، معتبرا أن الهيئات المختصة في مراقبة السلع وحدها من تتحمَّل مسئولية تسويق هذه المنتجَات الخطيرة وليس التجار، كما يتوجّب على وزارة التجارة والجمارك استحداث جهات مختصة بفحص ومعاينة المنتجات قبل تسويقها وتسليط عقوبات صارمة على المستوردين المخالفين للتعليمة .
أما "أحمد خالد"، رئيس الإتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ، فطالب في تصريح لـ"الشروق" بضرورة عدم استيراد هذه المواد من الدول الآسيوية أو حتى الأوروبية للمخاطر الجمّة التي تحتويها، وإذا اقتضت الضرورة لذلك فلابد من تشديد الرقابة عليها لكون هذه الأدوات كالمساطر، العجينة، القريصات والخشيبات.. يستعملها أطفال الابتدائي بأيديهم، وهو ما ينقل الجراثيم إلى أجسامهم الصغيرة، ولذلك يتوجب وقف الاستيراد وتشجيع المنتِج المحلي وإخضاع المنتَجات المستورَدة للرقابة، مبيّنا أن الجمعية تلقت في السنوات الماضية العديد من الشكاوي من أولياء التلاميذ بخصوص أمراض وحساسية جلدية انتقلت إليهم عن طريق الأدوات المدرسية، والمحافظ والمآزر أيضا، فجميعها تشكل خطورة على صحتهم الجسدية في ظل غياب هيئات مختصة بمراقبة البضاعة المعروضة في السوق.
لتتكيّف مع ميول الطفل وقدراته الذهنية
الاختصاصيون يطالبون بتعديل برامج الأقسام التحضيرية
يفضل بعض الأولياء تسجيل أبنائهم في الطور التحضيري، بغية تعلم الأبجديات الأولى للغة العربية والتأقلم مع أقرانهم، وكذلك التعوّد على ريتم الدراسة والنهوض في الصباح الباكر، حتى يكونوا جاهزين للالتحاق بمقاعد الدراسة لأول مرة السنة المقبلة، إلا أن البعض الآخر يرى عكس ذلك، فيحبِّذ بلوغ ابنه سن السادسة لتسجيله مباشرة في الابتدائية، فما هو الأنسب للطفل حسب أهل الاختصاص؟
بمجرد بلوغ الطفل سن الخامسة يبدأ الوالدان في الاستعداد لتحضيره نفسياً للدخول لعالم الدراسة، وتستحوذ فكرة التخطيط لمستقبله الدراسي على جل تفكيرهم، فيعتقد بعض الأولياء أن الطور التحضيري أهم مرحلة لبداية تقبل الطفل فكرة عزله عن عالم اللعب واللهو مع أقرانه، وربطه بعالم آخر لم يكن يعرف عنه شيئا سوى أقلام التلوين التي تعوّد على استعمالها في "خربشاته" اليومية على كراسته الصغيرة، فمن الصعب أن يتخلى هذا الصغير عن ألعابه بسهولة ليستبدلها بمجموعة من الكراريس والكتب، والأصعب من هذا كله أن ينهض مبكرا ويترك فراشه المريح خاصة في فصل الشتاء، حيث لا يستطيع جسمُه النحيل تحمل البرودة الشديدة في الصباح الباكر، وهذه النقاط كلها جعلت البعض الآخر يفكر في راحة فلذات أكبادهم وتمتعهم بفترة طفولتهم على أكمل وجه، فيفضل هذا النوع من الأولياء بلوغ أبنائهم السن القانوني للتمدرس الذي حددته وزارة التربية وهو سن السادسة.
ومن خلال استطلاعنا جمعنا عددا من الآراء المختلفة حول الموضوع بين مؤيد لدخول الطفل الطور التحضيري قبل التحاقه رسميا بالسنة الأولى ابتدائي وبين معارض للأمر.
السيدة "راضية. ن" أم لثلاثة أطفال تقول أن كل أولادها مروا بمرحلة التحضيري قبل الدخول إلى الابتدائية، وقد لاحظت أنهم استفادوا كثيرا وأن تعلمهم أصول الدراسة في المرحلة التمهيدية جعلتهم متفوقين في المرحلة الابتدائية. السيد "كمال. ف" أبٌ لطفل في سن الخامسة يقول إنه قرر تسجيله في الطور التحضيري، إذ أنه في الأصل منذ أن كان في عمر السنتين وهو في الروضة، لذا ليس هنالك إشكالٌ في التحاقه أول مرة بالمرحلة التحضيرية، وليس من الصعب عليه التأقلم مع الجو الجديد للمدرسة.
أما السيدة "فاطمة الزهراء" أم لطفلتين لم تبلغا بعد سن الدراسة، فترفض رفضا قاطعا أن تسجل ابنتيها في الطور التحضيري قبل دخولهما الابتدائية، لأنها تعتقد أن ذلك بمثابة تعدٍّ على عالمهما الطفولي الخاص - على حد تعبيرها - إذ أنها تفضل أن يقضيا فترة طفولتهما في اللعب، لأن كل فترة لها ما يناسبها.
وعن رأي أهل الاختصاص فاستقيناه من السيد محمد حامق، أستاذ علم النفس في جامعة بوزريعة، حيث يقول إن الإشكال يكمن في البرنامج المسطر في الطور التحضيري، والذي لا يتناسب مع نفسية طفل في سن الخامسة، وهو في مرحلة انتقاله من المحيط العائلي وحضن الوالدين إلى عالم غريب عنه، ودعا الأستاذ حامق الوزارة الوصية إلى تعديل البرنامج الدراسي المخصص للمرحلة التمهيدية بحيث يتماشى مع ميول الطفل الصغير؛ إذ يجب تكثيف الأنشطة التي تعتمد على التلوين والتلصيق كالرسم والأشغال اليدوية، كما أضاف أنه من الضروري الاستعانة بإخصائي نفساني خاص بتلاميذ الطور التحضيري بغية مساعدتهم على التأقلم والتكيف بسهولة مع عالمهم الجديد، وهو ما لا تتوفر عليه مدارسُنا، ويرى محدثنا أن مرحلة التحضيري جيّدة للطفل المقبل على الدراسة، إذا ما التزمت المنظومة التربوية بالتعديلات التي ذكرها.
خوفاً من التغييرات في البرامج الدراسية
إقبالٌ حذر على سوق الكتب الدراسية القديمة
يشكل توفير الكتب المدرسية هاجساً آخر يضاف إلى انشغالات العائلة الجزائرية عشية الدخول المدرسي، فيحاول الأولياء البحث عنها وتوفيرها بشتى الطرق قبل التحاق أبنائهم بمقاعد الدراسة، وذلك تحسبا لنفادها وأي نقص أو خلل في التوزيع وفي عملية البيع والشراء داخل المدارس. ولأن ميزانية العائلة قد أنهكتها مصاريف الأعراس وشهر رمضان ثم العيد، تزداد معاناتهم مع الدخول المدرسي وحتى الكتب القديمة المعروضة في الأسواق لم يعد بإمكانها تخفيف العبء عن الميزانية العائلية في ظل التغيرات المستمرة في البرامج التعليمية.
تنتشر مع بداية كل موسم دراسي جديد تجارة الكتب المدرسية القديمة، وقد انتهز تجار المناسبات فرصة بداية الدخول الجديدة 2013- 2014 لعرض كتب مدرسية لمختلف السنوات التعليمية بأسعار مقبولة في الأسواق الشعبية، وذلك وسط تخوفات وتوقعات من أولياء التلاميذ بحصول تغييرات في البرامج الدراسية هذه السنة، فقد رفض الكثير من الوراقين المعروفين بتجارة الكتب القديمة في الساحة المقابلة للبريد المركزي بالعاصمة تغيير نشاطهم لأسباب مختلفة.
يقول "دحام مرزاق" شيخ في الستينات من العمر، يعمل كتاجر كتب منذ 10 سنوات: "أرفض بيع الكتب المدرسية لأن البرامج تتغير كل سنة وبصفة دائمة، لذا أفضِّل بيع الكتب الجامعية والأبحاث العلمية الموجهة للأساتذة الطلبة والمؤرخين". في حين أوضح زميله "رضا" بائع كتب منذ 13 سنة، أنهم في السابق كانوا يبيعون الكتب المدرسية ويقضون عطلة الصيف بأكملها في تجميعها وإعادة بيعها بأسعار منخفضة، لكنهم منذ 5 سنوات فقط وبسبب التغييرات السنوية في البرامج المدرسية توقفوا عن مزاولة هذا النشاط لأن الخسارة تكون فيه أكبر.
حديثنا جلب اهتمام إحدى السيدات والتي كانت بصدد البحث عن كتاب لابنتها الطالبة في الحقوق، وقد أكدت لنا أنها قبل سنتين اشترت الكتب لأبنائها في الطور المتوسط والثانوي من أحد الأسواق الشعبية، وبعد الدخول المدرسي اكتشفت أنه تم تغييرُها فصدمت لأنها أنفقت أكثر من 4 آلاف دينار ذهبت جميعها أدراج الريح حتى أن الأساتذة نصحوها بعدم تكرارها.
أما السيدة "مريم" والتي دلتنا على شبان يبيعون كتبهم المدرسية في العقيبة ببلكور، فتوضح بأنها كانت تعمد في نهاية كل عام دراسي لشراء الكتب المدرسية من عند جاراتها أو من السوق الشعبي، لكن التغييرات المتتالية في الكتب المدرسية جعلتها تقرر شراء الكتب من نقاط بيع الكتب المدرسية في شارع "نصيرة نونو" أو الجزائر الوسطى وهو ما يقلل الأعباء والمصاريف عليها.
مباشرة بعدها انتقلنا لحي بلكور في العاصمة، وهناك لاحظنا تواجدا نسبيا لباعة الكتب المدرسية القديمة إلى جانب طاولات بيع الأدوات المدرسية المنتشرة بكثرة، يصرح "محمد" وهو رجل في الأربعينات من العمر، أنه ينتهز فرصة الدخول المدرسي فيشتري مجموعة من الكتب ويعيد بيعها بعد أن يجدِّد في شكلها وغلافها وأسعارها تتراوح مابين 130 و250 دج، وتتوفر لديه مختلف السنوات والمستويات التعليمية وفي حال أراد أحد زبائنه كتابا معينا لسنة خاصة فإنه يبحث عنه عند معارفه وجيرانه ويجلبه له، مفيداً أن تجارة الكتب المدرسية قد عرفت شيئا من التراجع مقارنة بالأعوام السابقة وذلك نظرا للتغيرات المستمرة في المقررات والكتب الدراسية مطلع كل سنة، وهو ما يدفع الأولياء إلى تفادي شرائها من الأرصفة لكي لا يلقوها في سلة المهملات ويضطروا لاقتنائها مرة ثانية من المدارس.
ويفضّل اغلب الأولياء ذوي الدخل المحدود انتظار أيام بعد الدخول المدرسي للتأكد من مضمون الكتب الدراسية الجديدة التي تباع في المؤسسات التربوية، وإذا لاحظوا أنه لم يحدث عليها أي تغيير، فيهرعون إلى الأسواق لاقتناء الكتب الدراسية القديمة بنصف أسعارها وبالتالي توفير مبالغ إضافية لاقتناء باقي الأدوات المدرسية.
تلاميذ وموظفون ونساء يكذبون لتحقيق مآربهم
كذابون يقتلون آباءهم وآخرون يمثّلون دور المعاقين
لم تكذب من قبل؟ ممم....أتقول لا؟ أسمح لي أن أقول لك أنك كاذب، على الأقل في إجابتك على سؤالي السابق كل منا كان ومازال يكذب في بعض الأوقات ولاحظ أننا نتكلم عن الأشخاص الأسوياء وليس هؤلاء محترفي الكذب حيث الغاية الوحيدة من كذبهم هي الكذب، الكذب للكذب معنى يكذب الشخص السوي لسبب من اثنين: مراعاة مشاعر الآخرين "لا هذا الفستان لا يُظهرك بدينة على الإطلاق" أو لتبرير خطأ ارتكبه "لم أحظر الاجتماع حيث تعطلت سيارتي في الطريق". لا نستطيع أن ننكر حقيقة أن الكذابين وللأسف موجودون بكل مكان، رغم أننا في بعض المواقف نكون في أشد الحاجة لمعرفة الحقيقة أو على الأقل لاكتشاف أن ما يقال لك كذب.
يقتل شقيقه لتبرير غيابه
هناك أطفال يكذبون للفت انتباه الآخرين إليهم، ومنهم من يكذب خوفا من العقاب كالتلاميذ الذين يتغيبون عن مقاعد الدراسة وعندما تطلب المعلمة حضور وليِّه يكذب عليها ويخبرها أن والده ميت ووالدته لا تستطيع الحضور كونها تعتني بإخوته الصغار، حيث قص علينا شاب عن كذبه على معلمة أن شقيقه الأكبر توفي، تبريراً لغيابه الذي تجاوز الأسبوع وفعلا تأثرت المعلمة وكذا الزملاء.
العيش في حقيقة زائفة
قصت سيدة لنا عن صديقة لها، منذ التقائها بها وهي تعرف عنها أنها متزوجة من رجل أعمال غني، ويوميا تفبرك لها سيناريو وهمياً، حيث أخبرتها يوما أن زوجها احتفل معها بمناسبة عيد زواجهما في فندق الشيراطون واشترى لها عقداً من الماس، وحتى تحوّل صديقتها عيشها في الكذب إلى حقيقة، التقتها أسبوعاً قبل عيد الفطر ووجدتها حزينة فسألتها عن سبب مزاجها المعكَّر، فكذبت وأخبرتها أن والدة زوجها تختلق لها المشاكل وتجبرها على القيام بأشغال المنزل بعد وصولها مرهَقة من العمل بدون مساعدة من ابنتها الماكثة في البيت. وأصيبت المتحدثة بخيبة أمل كبيرة عندما علمت أن صديقتها ليست متزوجة، بل مطلقة، وعندما واجهتها اعترفت لها بكذبها عليها وبررت ذلك أنها "تفضل العيش في حقيقة زائفة خير من واقع مرير".
يُدخل والده المعافى المستشفى
حصل موظف على فرصة الذهاب في رحلة سياحية مجانا، فلم يجد طريقة لتبرير غيابه عن العمل سوى الكذب بفبركة سيناريو وهمي عن دخول والده المستشفى وهو في حالة صحِّية متدهورة، الأمر الذي جعل رئيسه في العمل يتأثر لحال والده ويمنح له عطلة مدفوعة الأجر ويسأل يوما عن حال والده على غرار زملائه في العمل. وبعد فترة انكشف أمرُه وثبُت أن أباه في صحة جيدة ولم يدخل يوما المستشفى.
كذب عليها فجُنّت
أصيبت فتاة بالجنون عقب اكتشاف كذب خطيبها الذي ارتبطت به مدة 7 سنوات عندما تزوج بأخرى. وتعود الوقائع، عندما تقدم الشاب لخطبتها بعد قصة حب جمعتهما، لتبدأ معه رحلة بناء منزل الزوجية حيث منحت له راتبها مدة 7 سنوات كاملة لاستغلاله في البناء. وبعد الانتهاء من تشييده طلبت منه الإسراع في إتمام مراسيم الزفاف، غير أنه أضحى يتهرب منها ويتحجج بأن المنزل يحتاج إلى أجهزة منزلية وتارة أخرى إلى طلاء الشقة، وعندما تم تجهيز الشقة سافر خطيبها إلى مسقط رأسه وعقد قرانه على ابنة عمه، بعد أن كذب عليها وأخبرها أنه سوف يتناقش مع أهله عن تاريخ العرس، فلم تتحمل هول الصدمة وجُنّت.
الكذّاب منافق والكذب جائز في حالات
ليس هناك في ديننا الحنيف ما يسمى بـ"كذبة بيضاء" و"كذبة سوداء"؛ فالإسلام يحرِّم الكذب، لأنه من صفات المنافق، كما يقول النبي: "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهم كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر"، ويبيح الإسلام الكذب في ثلاث حالات فقط وهي: الكذب للإصلاح بين المتخاصمين، الكذب على الأعداء في الحروب، الكذب لإرضاء الزوجة والدليل على ذلك قول أم كلثوم بنت عقبة: "ما سمعت رسول الله يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث كان رسول الله يقول لا أعدّه كاذبا الرجل يصلح بين الناس يقول القول ولا يريد به إلا الإصلاح والرجل يقول في الحرب والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها".
المصدر الشروق أون لاين.